أبدت الأمم المتحدة قلقها العميق من التوترات المستمرة في القدس، في حين دعت واشنطن تل أبيب إلى معاملة سكان حي الشيخ جراح باحترام، وسط استمرار الترحيب بوقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه فجر أمس الجمعة في غزة.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمم المتحدة قلقة جدا بشأن التوترات المستمرة التي وقعت اليوم السبت في القدس الشرقية المحتلة، لا سيما في المدينة القديمة وحولها.
وأضاف دوجاريك أن من المهم جدا أن يحترم الجميع قدسية الأماكن المقدسة في المدينة القديمة، وأن يمتنعوا عن أي استفزاز قد يؤدي إلى تصعيد التوترات، مشددا على ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النفس، وأن يُحترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة.
وقال دوجاريك إنه في هذه الحالات يتحمل القادة السياسيون والزعماء الدينيون مسؤولية التحدث علانية ضد أي شخص يعطل السلام، داعيا إلى الوقوف بحزم في وجه التحريض على العنف بخاصة في مثل هذه البيئة المتوترة.
إدانة أردنية لاقتحام الأقصى
وقد دانت الخارجية الأردنية اقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى عقب صلاة الجمعة، واعتداءها على المصلين.
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة ضيف الله الفايز إن ما قامت به إسرائيل تصرف استفزازي يتحدى الجهود والمساعي الدولية.
وأضاف أن على إسرائيل التزام وقف إطلاق النار وإنهاء الاستفزازات والتصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وشدد الناطق باسم الخارجية الأردنية على ضرورة استمرار الجهود الدولية الرامية إلى فتح الآفاق أمام مفاوضات تحقق سلاما عادلا مبنيا على حلّ الدولتين.
واقتحمت القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى أمس الجمعة، واستهدفت المصلين بوابل من الرصاص المعدني والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، وأسفر ذلك عن إصابات.
كذلك اندلعت مواجهات متفرقة بالضفة الغربية، أبرزها على مدخل مدينة بيت لحم، والخليل (جنوب)، وحاجز حوارة جنوبي نابلس (شمال)، وكفر قدوم بمحافظة قلقيلية.
بلينكن يزور المنطقة
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، في مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن “الإدارة الأميركية ملتزمة العمل مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لتقديم مساعدة إنسانية سريعة لقطاع غزة”.
وأكدت الخارجية الأميركية -في بيان- أن بلينكن وعباس التزما خلال الاتصال إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة على كل المستويات من أجل الحفاظ على وقف إطلاق النار.
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن “وزير الخارجية بلينكن سيتوجه إلى إسرائيل والضفة الغربية ليس للتحدث عما وقع خلال 11 يوما السابقة فحسب، ولكن للتركيز على المضي قدما وكيفية بناء حياة أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين”.
وفي رده على سؤال بشأن حي الشيخ جراح، قال برايس خلال مقابلة أجرتها معه شبكة “إم إس إن بي سي” (MSNBC) الأميركية إن “الحفاظ على الوضع القائم في القدس أمر بالغ الأهمية”.
وشدد برايس على أن على إسرائيل معاملة سكان حي الشيخ جراح باحترام، وأن واشنطن ستواصل الضغط بهذا الاتجاه.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن التفاوض على الوضع النهائي للقدس سيتم بين الطرفين في السياق الدبلوماسي.
وكان مركز عدالة الحقوقي قدم التماسا يوم الخميس باسم سكان حي الشيخ جراح شرقي القدس، والائتلاف لحماية حقوق الفلسطينيين في القدس، أمام محكمة إسرائيلية لإزالة الحواجز التي نصبتها الشرطة الإسرائيلية عند مدخل الحي منذ أسبوعين، إذ تمنع الحواجز دخول الفلسطينيين والمتضامنين مع قضية الشيخ جراح إلى الحي.
وأضاف مركز عدالة -في بيان له- أن الحواجز تسمح بدخول المستوطنين الإسرائيليين دون أي فحص، في حين تُدقَّق وتُفحَص هويات الفلسطينيين.
وقال إن هذه الحواجز وجيش الاحتلال لم يمنعا دخول عصابات اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذين يعتدون على سكان الحي الفلسطينيين بوجه دوري.
أوروبا تدرس التواصل مع حماس
وفي إطار ردود الفعل لما بعد وقف إطلاق النار في غزة أكد مسؤول أوروبي رفيع للجزيرة أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج من الناحية الواقعية إلى التعامل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوجه أو بآخر لأنها جزء من الحل للصراع مع إسرائيل.
وقال المصدر إن التعامل مع حماس مشروط بتحقيق المصالحة الفلسطينية أولا، موضحًا أنه بعد ذلك يمكن للاتحاد الأوروبي أن ينتظم في اتصالات غير مباشرة مع الحركة.
ولفت المسؤول إلى أن هذه الاتصالات يمكن أن تكون عبر وسيط ثالث، مؤكدا في هذا السياق أن الجهة التي يمكن من خلالها الاتصال بشكل غير مباشر مع حماس هي قطر ومصر.
ورحب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال باتفاق وقف إطلاق النار، وشدد في تغريدة على ضرورة عدم تضييع فرصة السلام والأمن.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت الخميس -قبل إعلان الاتفاق- إن “المحادثات غير المباشرة” مع حماس ضرورية لإعطاء دفع للجهود الرامية إلى إنهاء العنف.
وزار وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس تل أبيب ورام الله للقاء مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في محاولة للتوصل إلى تهدئة، ولم يلتق ممثّلين عن حركة حماس، المدرجة على لائحة “المنظمات الإرهابية” في الاتحاد الأوروبي.
تضامن
عربيا، دان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود الاعتداءات الإسرائيلية في القدس وقطاع غزة.
وأكد الملك سلمان، خلال اتصال هاتفي الجمعة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إدانة المملكة ورفضها الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما أسفر عنه من سقوط للضحايا الأبرياء والجرحى.
وأضاف الملك أنه كلف وزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان آل سعود بمواصلة التحرك السعودي في إطار منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والأطراف الفاعلة من أجل دعم الموقف الفلسطيني ونصرة قضيته.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية السودانية إن السودان يرحب بإعلان وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ويقدر الجهود المصرية والإقليمية والدولية للتوصل إلى هذا الاتفاق.
وفي طهران، دعا المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي الدول الإسلامية إلى تقديم الدعم للفلسطينيين عسكريا وماليا، والمساعدة على إعادة إعمار قطاع غزة.
وقال خامنئي في بيان رسمي “تجب ملاحقة كل العناصر المؤثرة في النظام الإسرائيلي، وعلى رأسهم المجرم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قضائيا من خلال محاكم دولية مستقلة”.
وبدأ في الساعة الثانية بالتوقيت المحلي من فجر أمس الجمعة سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بعد 11 يوما من العدوان الإسرائيلي.
وأدّت الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع إلى 274 شهيدا، بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنًّا، فضلا عن إصابة 1910 أشخاص، وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس خلّفت 28 شهيدا ونحو 7 آلاف جريح، وفق تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية.