آخر تحديث :السبت-13 ديسمبر 2025-03:00ص

حضرموت… قرار متأخر في لحظة انفجار

الجمعة - 28 نوفمبر 2025 - الساعة 11:10 م

عبدالله الشرفي
بقلم: عبدالله الشرفي
- ارشيف الكاتب


في الوقت الذي كانت حضرموت تقترب من حافة الانفجار، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي قرارًا بتعيين سالم أحمد سعيد الخنبشي محافظًا للمحافظة خلفًا لمبخوت بن ماضي. خطوة جاءت متأخرة بعد أن بلغ الغليان القبلي والعسكري ذروته، وبعد أن شعر أبناء حضرموت بأن محافظتهم تُساق نحو صراع مفروض عليها من قوى تريد إعادة رسم نفوذها بالقوة.

قبل ساعات من القرار، كانت هضبة حضرموت تشهد واحدًا من أهم اللقاءات القبلية منذ عقود. رجال حضرموت – مناصب ومقادمة ومشايخ ووجهاء – اجتمعوا بدعوة من الشيخ عمرو بن حبريش العليي، ليس لبحث قضية خدمات أو مطالب تنموية، بل لمواجهة تهديد مباشر لأرضهم وهويتهم وحقهم في إدارة شؤونهم.
فالقوات القادمة من خارج المحافظة لم تأتِ لمساندة الأمن، بل – كما يؤكد أبناء حضرموت – جاءت في إطار مخطط واضح للسيطرة على المواقع الحيوية وحقول النفط واستبدال قوات النخبة الحضرمية بقوات تتبع جهات سياسية لا تمتلك أي شرعية اجتماعية في حضرموت.

كلمة الشيخ بن حبريش كانت واضحة وصريحة: حضرموت مستهدفة، والمحافظة ليست بحاجة لقوات غريبة ولا لهيمنة جديدة. فالحضارم، الذين حاربوا الإرهاب وقدموا النموذج الأمني الوحيد في البلاد، يرفضون أن تتحول محافظتهم إلى ساحة نفوذ لأي طرف سياسي، وأن يُفرض عليها واقع جديد بقوة السلاح والتحشيد العسكري.

اللقاء القبلي لم يكتفِ بالتحذير، بل أعلن صراحة تشكيل مقاومة للدفاع عن حضرموت وثرواتها، ودعا أبناء المحافظة للوقوف صفًا واحدًا، ووجّه رسالة صارمة للنخبة الحضرمية بعدم السماح باستغلالهم أو جرّهم لمعارك لا تخدم حضرموت.

وسط كل ذلك، تحرك مجلس القيادة الرئاسي — ببطء شديد — لاتخاذ قرار كان يفترض أن يُتخذ قبل أشهر، وليس بعد أن وصلت الأمور إلى مرحلة تهدد بانفجار الوضع. قرار إقالة المحافظ جاء في لحظة بدا فيها المجلس كمن يحاول إطفاء حريق اشتعل بسبب تراخيه وحساباته الداخلية ومحاصصاته التي يدفع ثمنها أبناء حضرموت.

فالتحشيد العسكري نحو حضرموت لا يمكن اعتباره مجرد "تحركات أمنية"، بل هو تهديد صريح لسلام المحافظة واستقرارها. وما لم يتحمل المجلس مسؤوليته ويوقف هذه التحركات فورًا، سيجد نفسه أمام كارثة أمنية في واحدة من آخر المحافظات الآمنة في اليمن.

حضرموت ليست ميدانًا لتصفية الحسابات، ولا غنيمة توزع بين القوى المتنافسة، ولا ورقة ضمن مشاريع الانفصال أو الهيمنة. حضرموت أكبر من كل ذلك، وأبناؤها أوضحوا أنهم لن يقبلوا بأن تُدار محافظتهم من خارج إرادتهم.

وعلى مجلس القيادة الرئاسي أن يدرك — قبل فوات الأوان — أن أمن حضرموت خط أحمر، وأن استمرار اللعب بمقدرات المحافظة أو تجاهل صوت أهلها لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى، وأن الزمن الذي كانت فيه حضرموت صامتة قد انتهى إلى غير رجعة.